حيدر حيدورة -الجزائر
تستعد الجزائر لاحتضان النسخة الرابعة من معرض التجارة الإفريقية من ٤ حتى ١٠ من الشهر الحالي والذي أفردت له كل الإمكانيات البشرية والمادية والإعلامية من أجل نجاح هذا الحدث الذي يكرّسها منصة إقليمية للتجارة والاستثمار ويعزز مكانتها كجسر للتعاون الإفريقي الاقتصادي والثقافي.
وزير الاتصال الجزائري الدكتور محمد مزيان أكد خلال مؤتمر صحفي للترويج لهذا المعرض أن بلاده تولي أهمية قصوى لهذا الحدث الاقتصادي، مؤكداً أنه ليس مجرد محطة اقتصادية بل هو رسالة اقتصادية وثقافية وإنسانية من أجل خدمة مصالح الشعوب الإفريقية ويعزز التنمية والتجارة الحرة بين دول إفريقيا مع بعضها وبقية دول العالم أيضاً.
الخبير الاقتصادي الجزائري والمقيم في سويسرا الدكتور مولود خليف يعتبر أن تنظيم هذا المعرض ليس بالأمر السهل للدول الأعضاء، وإنما المؤهلات التي تملكها الجزائر والتزام الرئيس عبد المجيد تبون بالتنمية الاقتصادية المستدامة في إفريقيا والتنويع الجاري في اقتصادها خارج إطار المحروقات وقدراتها التنظيمية للأحداث الكبرى ساهمت بشكل أساسي في قبول مسؤولي البنك الإفريقي أفريكسيم بنك المنظم والراعي الرسمي لهذا الحدث في دورته الرابعة بعد أن نُظّم سابقاً في جنوب إفريقيا ومصر. وما ساهم أيضاً في تعزيز حظوظ الجزائر هو انتخاب جناح الجزائر في معرض اقتصادي في جنوب إفريقيا عام 2021 وعرض آخر في مصر عام 2023 كأفضل جناح في المعرضين، إلى جانب انخراطها في منظمة التبادل الحر القارية سنة 2024، إضافة إلى وعودها بتخصيص كل الموارد البشرية واللوجستية والإعلامية المطلوبة من أجل إنجاح المعرض ليكون نافذة إفريقيا إلى العالم.
سيعرف المعرض مشاركة أكثر من 2000 عارض ومشاركة 140 دولة مع توقعات مرتقبة بإبرام صفقات تتجاوز 40 مليار دولار حسب الخبراء الاقتصاديين. وسيعرف مشاركة شركات من سويسرا واليابان وماليزيا والهند والعديد من الدول الأخرى، وهذا ما يعطي للحدث بعداً دولياً ويعزز دور الجزائر كمركز متقدم في المشهد الاقتصادي العالمي.
الجزائر تدخل المعرض بالعديد من القطاعات الجاهزة للتوسع إفريقياً وعالمياً، أبرزها الطاقة والبتروكيماويات. أيضاً يعتبر القطاع الفلاحي والصناعات الغذائية من أهم المجالات التي يمكن أن تحقق التفاعل بين دول إفريقيا لأنها تساهم في تأمين الغذاء والاستغناء عن السوق العالمية وتسمح بتصدير منتجات غذائية إلى سوق يضم ١,٤ مليار مستهلك، إضافة إلى الصناعات الدوائية التي تعرف توسعاً كبيراً في الجزائر بقطاعيها العام والخاص، ويمكن للجزائر أن يكون لها مكانة مهمة خاصة مع مشاريع الربط القاري عبر الطرق والسكك الحديدية والموانئ التي تزيد من سهولة التنقل والتبادل التجاري.
وسيَتَضمن المعرض أيضاً جناحاً خاصاً للسيارات الإفريقية يشرف عليه البنك الإفريقي بالتعاون مع الاتحاد الإفريقي، وهو محطة بارزة حول مستقبل صناعة السيارات في إفريقيا وهدفه الانتقال من الاستيراد إلى التصنيع وخفض فاتورة الاستيراد ونقل التكنولوجيا العالمية إلى مصانع إفريقيا. أيضاً الحدث الاقتصادي تضمن مبادرة جديدة تهدف إلى إبراز طاقات الباحثين والطلاب والشركات الناشئة من أجل عرض وطرح أفكارهم والبحث عن أسواق لمشاريعهم وأفكارهم العلمية من أجل التنفيذ بأيادٍ إفريقية.
تحت شعار إفريقيا للأفارقة تستضيف الجزائر قادة ورجال أعمال ومفكرين وفعاليات عن كل دول القارة في حدث يترجم الإرادة المشتركة لإعادة رسم مستقبل إفريقي مستقل متوازن ومزدهر بأيادٍ وأفكار إفريقية.
لاكثر من عقدين انساقت بعض السياسات الإفريقية نحو إدارة الظهر للقارة والبحث عن حلول خارج قارة إفريقيا، وهو ما فسح المجال أمام العديد من الأطراف الأجنبية التي لا تؤمن بمصالح إفريقيا المشتركة وتزرع الفتن العرقية والمذهبية وعملت بشكل دائم على إطالة عمر الفقر والتبعية. وكان هدفها الأساسي نهب خيرات وثروات إفريقيا، ولكن الآن أدركت النخب الإفريقية هذا المخطط وبدأت تستعيد زمام المبادرة، وما نشهده في العديد من الدول الإفريقية من مظاهرات رافضة للوجود الأجنبي يؤكد هذه الفرضية ولتأكيد أن زمن الوصاية قد انتهى. وها هي الجزائر تفتح ذراعيها لأشقائها الأفارقة ليس من باب استعراض النفوذ والمصالح الضيقة، بل من منطلق الإيمان العميق بأن القارة لا يمكن أن يحررها ويطورها ويقودها إلا أبناؤها.