أثار مهرجان بنديغو للكتاب في ولاية فيكتوريا الأسترالية موجة واسعة من الانسحابات، بعد إرسال إدارة المهرجان “مدوّنة سلوك” للمشاركين قبل أيام من انطلاقه، اعتُبرت بمثابة قيد على حرية التعبير، خاصة فيما يتعلق بالقضايا السياسية والعدوان الإسرائيلي على غزة.
أكثر من 50 كاتباً وكاتبة انسحبوا من المهرجان، احتجاجاً على ما وصفوه بمحاولة “تكميم الأصوات المؤيدة لفلسطين”، ما أدى إلى إلغاء 22 جلسة من أصل البرنامج المقرر، بينها حفل الافتتاح والختام، في ضربة قاسية للفعالية الأدبية الأبرز في المنطقة.
مدوّنة مثيرة للجدل
المهرجان، الذي ترعاه جزئياً جامعة “لا تروب”، أرسل إلى المشاركين بريداً إلكترونياً يتضمن مدوّنة سلوك تطالب المتحدثين بـ”تجنّب اللغة أو المواضيع المثيرة للانقسام أو غير المحترمة”، وتلزمهم بالتماشي مع “مبادئ مكافحة معاداة السامية وكراهية الإسلام”.
لكن هذه الخطوة قوبلت برفض واسع من عدد من الكتّاب الذين رأوا فيها محاولة واضحة لتقييد النقاش حول الحرب في غزة، لا سيما بعد الضغوط التي مورست ضد مشاركة الكاتبة والأكاديمية الفلسطينية الأسترالية رندا عبد الفتاح.
أصوات منسحبة
من بين الأسماء المنسحبة الشاعرة من السكان الأصليين إيفلين أرالوين، والروائية كيت ميلدنهال، ورندا عبد الفتاح التي وصفت الإجراءات بأنها “امتداد لمحاولات إسكات الفلسطينيين حول العالم”. وقالت في بيان انسحابها:
“في وقت يُقمع فيه الصحافيون في غزة، من غير المقبول أن يُمارس مهرجان أدبي ما يشبه الرقابة على الأصوات الفلسطينية في أستراليا. المؤسسات تتعامل مع وجودنا كخطر يجب إدارته”.
المنظمون يردّون
من جهتها، نفت إدارة المهرجان وجود نية لتقييد حرية التعبير. وقالت المتحدثة باسم المهرجان، جولي آموس، إن المدوّنة تهدف إلى “ضمان حوار آمن ومحترم”، وليس فرض رقابة على الآراء السياسية.
يأتي هذا الجدل في سياق أوسع من التوترات الثقافية في أستراليا بشأن حرية التعبير حول القضية الفلسطينية. وكانت قد سُحبت منحة حكومية من الكاتبة كارين وايلد، وأُقيل الفنان اللبناني الأسترالي خالد صبصابي من تمثيل أستراليا في بينالي البندقية، قبل أن يُعاد لاحقاً إلى موقعه.
ويرى مراقبون أن ما حدث في مهرجان بنديغو يمثل اختباراً حقيقياً لقدرة المؤسسات الثقافية على الصمود في وجه الضغوط السياسية، ويطرح تساؤلات جدّية حول حدود حرية التعبير في الفضاءات الفنية والأدبية.