شارك الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية والهجرة، في أعمال المؤتمر الدولي رفيع المستوى للتسوية السلمية للقضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، والذي عُقد اليوم بمقر الأمم المتحدة في نيويورك، بمشاركة دولية واسعة.
وفي كلمته أمام المؤتمر، شدد الوزير عبد العاطي على ضرورة خلق أفق سياسي حقيقي، وإطلاق مسار تفاوضي جاد للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة، تستند إلى حل الدولتين، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكافة الأراضي العربية المحتلة. وطالب الوزير بإلزام إسرائيل بالانسحاب من الأراضي التي احتلتها في الرابع من يونيو عام 1967، ووقف جميع الإجراءات الأحادية، وعلى رأسها الاستيطان، وتنفيذ قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، خاصة القرارات: 242، 252، 267، 446، و2334.
ودعا وزير الخارجية إلى اتخاذ جملة من الإجراءات العاجلة، على رأسها إنهاء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، والتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، وإنجاز صفقة تبادل الرهائن والأسرى، وتمكين الأمم المتحدة ووكالة “الأونروا” من أداء مهامهما في القطاع، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق، إضافة إلى دعم جهود السلطة الوطنية الفلسطينية وتمكينها من العودة إلى قطاع غزة لضمان وحدة الأراضي الفلسطينية.
كما أكد الوزير عبد العاطي على ضرورة دعم الخطة العربية الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة، وتوفير الإمكانات اللازمة لإنعاش القطاع وتوفير سبل الحياة الكريمة لسكانه.
وفي معرض حديثه عن الكارثة الإنسانية المتفاقمة في غزة، ندد الوزير بالجرائم اليومية التي ترتكبها إسرائيل بحق المدنيين الفلسطينيين، مشيراً إلى أهمية توحيد المواقف الدولية من أجل التعامل الفوري مع الأزمة، ومعالجة جذورها من خلال إعادة إحياء مسار حل الدولتين، باعتباره السبيل الوحيد لإنهاء الصراع وضمان الأمن والاستقرار الإقليمي.
وفي السياق ذاته، شدد عبد العاطي على أهمية تعزيز قدرات السلطة الوطنية الفلسطينية للقيام بدورها الكامل في الضفة الغربية وقطاع غزة، تمهيداً لإطلاق مفاوضات سياسية جادة، مؤكداً أن الاعتراف بدولة فلسطين هو حق أصيل للشعب الفلسطيني، وركيزة أساسية لممارسة حقه في تقرير المصير.
وقد ترأس الوزير عبد العاطي وفد مصر في أولى جلسات المؤتمر، وذلك بصفتها الرئيس المشارك لمجموعة العمل الخامسة المعنية بالعمل الإنساني وإعادة إعمار غزة، إلى جانب المملكة المتحدة. وخلال الجلسة، أعرب الوزير عن رؤية مصر تجاه الوضع الإنساني في الأراضي الفلسطينية المحتلة، باعتباره مدخلاً أساسياً لأي تحرك دولي هادف لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.
كما استعرض الوزير الانتهاكات المستمرة التي يتعرض لها الفلسطينيون، لا سيما في الضفة الغربية، في ظل تصريحات رسمية إسرائيلية تدعو إلى تهجير سكان غزة وفرض السيادة على الضفة، وهو ما ترفضه مصر رفضاً قاطعاً، لما يمثله من تقويض لفرص تطبيق حل الدولتين.
وفي هذا الإطار، أشار عبد العاطي إلى الجهود الحثيثة التي تبذلها مصر لوقف الحرب في غزة وإنهاء المأساة الإنسانية، عبر تسهيل دخول المساعدات الإنسانية، واستمرار دعم وكالة “الأونروا” في أداء مهامها. كما أكد استعداد مصر للتعاون مع الشركاء الدوليين لتنظيم مؤتمر دولي لإعادة إعمار غزة فور التوصل إلى وقف لإطلاق النار، بهدف تفعيل خطة التعافي العربي الإسلامي بشكل عملي، وإنهاء معاناة المدنيين الفلسطينيين.
واختتم الوزير كلمته بالتأكيد على التزام مصر بمواصلة توفير برامج التدريب الأمني لقوات الأمن التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية، بما يعزز قدرتها على إنفاذ القانون في غزة والضفة الغربية، وتهيئة الأجواء لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة الكاملة، والمتصلة جغرافياً.
تأتي مشاركة مصر الفاعلة في هذا المؤتمر الدولي امتدادًا للدور التاريخي الذي تضطلع به القاهرة في دعم القضية الفلسطينية، باعتبارها قضية العرب المركزية. فقد ظلت مصر، منذ عقود، في طليعة الدول المدافعة عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في كافة المحافل الدولية، ووسيطًا رئيسيًا في جهود التهدئة والمصالحة الوطنية الفلسطينية.
وتواصل مصر العمل على استعادة الوحدة الفلسطينية، وتمكين السلطة الوطنية من أداء مهامها في كافة الأراضي الفلسطينية، وتثبيت وقف إطلاق النار، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، فضلاً عن رعايتها للمبادرات الدولية والإقليمية الهادفة إلى إعادة إعمار قطاع غزة.
ويعكس الموقف المصري في مؤتمر نيويورك اليوم التزامًا ثابتًا بحل الدولتين كخيار لا بديل عنه لتحقيق السلام العادل والدائم، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967، عاصمتها القدس الشرقية، وفقًا للمرجعيات الدولية وقرارات الشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية.