كشف مكتب الإحصاء الأميركي عن تحولات ديموغرافية عميقة من شأنها إعادة رسم خريطة التوازن السكاني العالمي بحلول عام 2100، إذ يُتوقع أن تصبح إفريقيا القارة الأصغر سناً والأكثر نمواً سكانياً، مقابل تسارع الشيخوخة والانكماش الديموغرافي في شرق آسيا وأوروبا، مع انتقال متدرّج لمراكز الثقل نحو الجنوب العالمي.
ووفق قاعدة البيانات الدولية التابعة للمكتب، مرشحة إفريقيا لأن تتحول إلى مركز الثقل الديموغرافي العالمي، مع توقع أن يتضاعف عدد سكانها أكثر من مرة بين عامي 2030 و2100. وتشير التقديرات إلى نمو سكاني إفريقي بنسبة 155%، في وقت يُتوقع أن يتراجع عدد سكان آسيا بنسبة 9%، وأوروبا بنسبة 16%، نتيجة الشيخوخة المستمرة وتراجع معدلات الخصوبة على المدى الطويل، بحسب تحليل لمنصة “أكسيوس”.
وفي الاتجاه نفسه، يُتوقع أن ينكمش عدد سكان أميركا الجنوبية بنسبة 12%، بينما ستسجل أميركا الشمالية نمواً محدوداً لا يتجاوز 4%، مدفوعاً بالهجرة أكثر من الزيادة الطبيعية في عدد المواليد.
وعلى مستوى الدول، تبرز جمهورية الكونغو الديمقراطية كأسرع دولة نمواً سكانياً في العالم، إذ يُتوقع أن يرتفع عدد سكانها من 139 مليون نسمة عام 2030 إلى نحو 584 مليوناً بحلول نهاية القرن. كما يُرجح أن تضيف نيجيريا 283 مليون نسمة خلال الفترة نفسها، فيما ستشهد كل من تنزانيا وإثيوبيا وأوغندا وأنغولا والنيجر زيادات تقارب 100 مليون نسمة لكل دولة.
في المقابل، تواجه الصين تراجعاً ديموغرافياً غير مسبوق، مع توقع انخفاض عدد سكانها من 1.4 مليار نسمة إلى 662 مليوناً، في أكبر انخفاض سكاني مسجّل لدولة واحدة. كما تدخل أوروبا وشرق آسيا مرحلة انكماش سكاني طويل الأمد، ستكون له تداعيات مباشرة على أسواق العمل، والقدرات العسكرية، والسياسات العامة.
أما الولايات المتحدة، فيُتوقع أن يشهد عدد سكانها زيادة محدودة ليصل إلى نحو 370 مليون نسمة، مقارنة بـ343 مليوناً حالياً، مدفوعة أساساً بالهجرة. وعلى الصعيد العالمي، ستحتفظ الهند بصدارتها كأكبر دولة من حيث عدد السكان، مع نحو 1.5 مليار نسمة، وهي الدولة الوحيدة بين أكبر ثلاث دول سكانياً التي لا يُتوقع أن تشهد تراجعاً هذا القرن.
وفي حين تواجه دول مثل روسيا واليابان وكوريا الجنوبية وأوكرانيا وإيطاليا وإسبانيا انهياراً ديموغرافياً هيكلياً بفعل الشيخوخة وتراجع الخصوبة، تشير التوقعات إلى أن إفريقيا الصاعدة ستوفر الجزء الأكبر من القوى العاملة العالمية مستقبلاً، وستتحول إلى مركز رئيسي للاستهلاك والتحضر والنمو الاجتماعي، في مقابل قيود متزايدة على القوة الاقتصادية والعسكرية في القارات المتقدمة، رغم تسارع الاعتماد على الأتمتة والذكاء الاصطناعي.
