قصة صورة: تظهر هذه اللقطة النادرة الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب ممددًا على سريره في حالة إغماء، بينما يجلس إلى جواره الفنان فريد الأطرش بملامح يختلط فيها القلق بالحزن.
لم تكن الصورة مشهدًا من فيلم، بل توثيقًا حقيقيًا لليلةٍ كادت أن تكتب نهاية موسيقار الأجيال على يد رجلٍ مختل زعم أنه “صانع مجده”!
التفاصيل كما نشرتها مجلة الكواكب في عددها الصادر بتاريخ 17 مايو 1960، تكشف عن محاولة اعتداء دموية تعرض لها عبد الوهاب على يد رجل يدعى أحمد فراج، ادّعى أن جميع ألحان الموسيقار من تأليفه.
في مساءٍ هادئ، وبينما كان عبد الوهاب ينتظر المصعد في العمارة التي يسكنها، اقترب منه الرجل قائلاً بابتسامة مريبة:
“سعيدة يا أستاذ.”
فردّ عليه عبد الوهاب بأدب:
“أهلًا وسهلًا… مين حضرتك يا فندم؟”
لكن الإجابة كانت صادمة:
“مش عارفني؟! أنا أحمد فراج اللي صنعت مجدك!”
وما هي إلا لحظات حتى انهال الرجل عليه بقطعة فخار، فأصابه في وجهه وسقطت نظارته وتلطخ دمه على الأرض.
لحسن الحظ، وصل المصعد في تلك اللحظة وكان بداخله السائق محمد كامل، الذي تدخل بشجاعة بعدما حاول المعتدي طعنه بـ مقص كان يخفيه في جيبه، مرددًا: “مش عارفني؟ طيب خد!”
فرّ عبد الوهاب إلى شقته يصرخ: “امسكوا السفاح المجنون!”، فيما أمسك الجيران بالمعتدي حتى حضرت الشرطة.
تزامن الحادث مع زيارة مرتقبة من الصحفيين كامل الشناوي وموسى صبري، اللذين سارعا لاستدعاء الطبيب، بينما أجرت زوجته نهلة القدسي اتصالًا عاجلًا بـ أم كلثوم، التي حضرت بنفسها إلى منزل عبد الوهاب، وطلبت طبيب العيون للاطمئنان عليه.
خلال ساعات قليلة، امتلأت الشقة بالزوار والأصدقاء — فريد الأطرش، عبد الحليم حافظ، محمد حسنين هيكل، محمد التابعي، حسين السيد — بينما بقيت أم كلثوم بجواره حتى الثالثة فجرًا.
الصورة التي التُقطت في تلك الليلة تحوّلت مع مرور السنين إلى رمز إنساني نادر، يُجسّد كيف تلامس الشهرة أحيانًا حدود الخطر، وكيف يمكن للإعجاب أن ينقلب إلى هوسٍ قاتل لولا تدخل القدر.