فى الوقت الذى يصر فيه مهندس الفوضى “نتنياهو” على توسيع نطاق الصراعات، مواصلاً عزف لحن الخراب، واهماً بأن كل من حوله فرائس محتملة، تقف مصر على الجانب الآخر من المشهد شامخة فى موقفها وصلابتها ، وهى تعزف سيمفونية قوة المنطق ، وتجسد القدرة على الردع.
لم تكن النسخة التاسعة عشرة من المناورة المشتركة النجم الساطع 2025، التى استضافتها مصر بالصحراء الغربية – فى نطاق عمليات قاعدة محمد نجيب العسكرية، أكبر قاعدة بالمنطقة – تدريبات عسكرية متطورة، بل مثّلت اختباراً حقيقياً لقدرات مشتركة، ورسالة واضحة بأن مصر تدرك تصاعد خطورة الفوضى الإقليمية ومستعدة لمواجهتها بالتخطيط والاحترافية.
ورغم التحديات، نجحت القاهرة فى جمع 44 دولة وأكثر من 8 آلاف مقاتل تحت رايتها. فقد شاركت قوى كبرى وإقليمية مثل الولايات المتحدة، الهند، إيطاليا، بريطانيا، اليونان، جنوب إفريقيا، والسعودية، إضافة إلى حلف الناتو، إلى جانب مراقبين من العراق والكويت والبحرين.
وهكذا لم تعد المناورة ثنائية كما بدأت فى الثمانينيات (مصرية – أمريكية)، بل تحولت إلى منصة تدريبية عالمية، تتجاوز البعد التدريبي ، لتؤكد الشراكات الاستراتيجية فى مواجهة سيناريوهات محتملة، بدءاً من الإرهاب العابر للحدود، وصولاً إلى النزاعات التقليدية ، فى رسالة واضحة مفادها أن الفوضى ليست قدراً محتوماً، وأن القوة المنظمة قادرة على صناعة التوازن.
فى عمق الصحراء الغربية، بمنطقة منقار الوحش، تشرفنا بمتابعة المرحلة الرئيسية للمناورة ، والتى شهدها الفريق أول عبد المجيد صقر، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، بحضور الفريق أحمد خليفة رئيس أركان حرب القوات المسلحة، والفريق أول براد كوبر قائد القيادة المركزية الأمريكية، والفريق أول ديميتريوس خوبيس رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة اليونانية، إلى جانب قادة الأفرع الرئيسية وممثلي الدول المشاركة.
وقد جسدت هذه المرحلة التكامل الميداني والدقة التكتيكية، حيث تمثل تنفيذ مشروع للرماية بالذخيرة الحية ، و قامت المقاتلات متعددة المهام والهليكوبتر المسلح المضاد للدبابات بالإشتباك وتدمير الأهداف المعادية، كما تم تنفيذ أعمال القصف المدفعى بدقة عالية على كافة الأهداف المخططة، وتم دفع المقدمات الميكانيكية والمدرعة للقوات المشاركة المدعومة بعناصر المقذوفات الموجهة المضادة للدبابات ووسائل وأسلحة الدفاع الجوى لإستكمال تطوير الهجوم وتدمير الأهداف المعادية، وجاء الأداء متناسقاً، ليعكس القدرة المصرية على التخطيط والتنسيق المشترك واستغلال طبيعة الأرض ، وتنفيذ جميع مهامها بكفاءة واقتدار.
فى ختام الفعاليات، أكد الفريق أول عبد المجيد صقر أن المناورة ليست مجرد تدريب، بل هى رسالة قوة وصداقة فى آن واحد. ونقل تحيات الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الدول المشاركة، وأشاد بالاحترافية العالية للقوات، مؤكداً أن “النجم الساطع يمثل أحد أعمدة تعزيز التعاون العسكري وبناء جسور الثقة مع الدول الشقيقة والصديقة”.
لقد حملت هذه الكلمات جوهر فلسفة مصر الدفاعية: التوازن والقدرة على الردع كضامن للاستقرار الإقليمي.
إن استعراض مصر لهذه القدرات المشتركة ، وإظهار تكتيك مثل “منقار الوحش” بالذخيرة الحية كان رسالة مزدوجة: إلى الداخل، بأن القوات المسلحة قادرة على حماية الأمن القومي بكافة أبعاده، وإلى الخارج، بأن مصر لاعب إقليمي محوري لا يقبل معادلات الفوضى، بل يفرض قوة المنطق.
المصدر: اخبار اليوم
رئيس التحرير : مصطفى عبده