شهدت العاصمة اللبنانية بيروت انعقاد المؤتمر التأسيسي الأول للمجلس البرلماني الآسيوي الأفريقي، الذي أُعلن عن تأسيسه رسميًا في خطوة وُصفت بأنها تاريخية لتعزيز التعاون البرلماني والنقابي بين القارتين، ودعم القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية.
انعقدت الجلسة الافتتاحية يوم الاثنين في القاعة العامة لمجلس النواب اللبناني، برعاية رئيس المجلس نبيه بري، وبرئاسة النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي ورئيس المجلس التأسيسي محسن المندلاوي، وبمشاركة واسعة من برلمانيين آسيويين وأفارقة، إضافة إلى وفود برلمانية عربية أبرزها من مصر، السعودية، البحرين، الأردن، والإمارات.
كلمة لبنان: السيادة والوحدة خط أحمر.
نقل نائب رئيس مجلس النواب إلياس بو صعب كلمة الرئيس نبيه بري، مؤكداً أن لبنان “لا يفرط بأرضه ولا يقبل المساس بسيادته مهما كانت التحديات”، مشيرًا إلى أن الشعب اللبناني “متكاتف وصلب يقف خلف سلطاته الرسمية، ومتمسك براية الدولة ووحدتها”.
وشدد بو صعب على أن تأسيس المجلس “يفتح أفقًا جديدًا للتعاون العابر للقارات”، داعيًا إلى “تنويع التحالفات وتشابك التكتلات البرلمانية بما يقلّص مساحة الخلافات ويعزز أجواء المحبة والسلام في مواجهة الحروب والدمار”.
موقف الرئيس اللبناني جوزيف عون.
خلال لقائه الوفد البرلماني العربي برئاسة رئيس البرلمان العربي محمد أحمد اليماحي، أكد الرئيس اللبناني جوزيف عون تمسك بلاده بمبادرة السلام العربية التي أُقرت في قمة بيروت عام 2002، مشددًا على ضرورة بلورة موقف عربي واحد من مختلف القضايا العربية.
كما دعا إلى إنشاء سوق عربية اقتصادية مشتركة، معتبرًا أنها “تشكل ركيزة لتعزيز مصالح الدول العربية وشعوبها كافة”.
وأدان الرئيس عون الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة ضد لبنان، التي طالت مؤخرًا منطقة جرود الهرمل في البقاع وأسفرت عن سقوط شهداء وجرحى، مستنكرًا في الوقت نفسه المجازر التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة، وما وصفه بـ”التدمير المنهجي لدفع سكان القطاع نحو النزوح”.
البرلمان العربي: أمن لبنان جزء من الأمن القومي العربي.
من جانبه، أكد رئيس البرلمان العربي محمد أحمد اليماحي دعم البرلمان العربي التام لوحدة لبنان وسيادته، ورفض أي تدخلات خارجية في شؤونه، معتبرًا أن “لبنان القوي والموحد يمثل قوة لمنظومة العمل العربي المشترك وحصنًا في الدفاع عن الأمن القومي العربي”.
وأشار اليماحي إلى أن البرلمان العربي يدعم مقترح الرئيس اللبناني بإنشاء سوق عربية اقتصادية مشتركة، مؤكدًا استمرار التنسيق مع البرلمان اللبناني لدعم الإصلاحات وتعزيز الوحدة الوطنية.
توصيات المؤتمر: فلسطين والعدالة الاجتماعية في الصدارة.
رئيس المجلس التأسيسي محسن المندلاوي أعلن رسميًا عن تأسيس المجلس، مشددًا على أن الهدف هو “إعادة مكانة القارتين في صنع القرار العالمي”، من خلال التضامن البرلماني والعدالة الاقتصادية والأمن الجماعي.
ودعا المندلاوي إلى عقد مؤتمرات شبابية ونسائية دورية لتعزيز التمكين السياسي للأجيال القادمة، وإطلاق شبكة تضامن مع القضايا العادلة، وفي مقدمتها فلسطين وحق شعبها في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس. كما وصف ما يحدث في غزة وفلسطين بأنه “وصمة عار في جبين الإنسانية”.
من جهته، أكد رئيس الاتحاد الدولي لنقابات آسيا وأفريقيا سعود الحجيلان أن العمل النقابي شريك أساسي في تعزيز العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، مشيرًا إلى أن المجلس الجديد سيشكل إطارًا حيويًا لحماية الحقوق وتطوير الأداء النقابي.
حضور موريتاني لافت
وشاركت موريتانيا بوفد برلماني رفيع برئاسة النائب الأول لرئيس الجمعية الوطنية سيدني سوخونا، الذي دعا إلى جعل المؤتمر منصة لتعزيز قيم السلام والتنمية المشتركة، وحث المجتمع الدولي على وقف فوري ودائم لإطلاق النار في غزة. وأكد أن الحل العادل للقضية الفلسطينية يكمن في تطبيق حل الدولتين.
يأتي تأسيس المجلس البرلماني الآسيوي الأفريقي من بيروت ليشكل منصة جديدة للتعاون العابر للقارات، ويوحد الصوتين الآسيوي والأفريقي في مواجهة التحديات المشتركة، مع وضع فلسطين في صدارة جدول أعماله، وتأكيد لبنان على وحدة الموقف العربي وصون سيادته الوطنية.