في وقتٍ تشهد فيه المنطقة تقلبات سياسية وأمنية، أجرى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، زيارة رسمية إلى لبنان انتهت صباح اليوم السبت ، حاملاً رسالة دعمٍ سياسية واقتصادية من القاهرة إلى بيروت، في مؤشرٍ واضح على عودة النشاط الدبلوماسي المصري في الشؤون اللبنانية بعد فترة من الركود النسبي.
لقاءات على مستوى الدولة.. ورؤية للتعاون
منذ لحظة وصوله إلى مطار رفيق الحريري الدولي، بدأ رئيس الوزراء المصري زيارة حافلة باللقاءات الرسمية. كان في استقباله رئيس الحكومة اللبنانية الدكتور نواف سلام، وهو اللقاء الذي شكّل منصة أساسية لمناقشة آفاق العلاقات الثنائية.
في السراي الحكومي ، عقد مدبولي جلسة مباحثات موسعة مع سلام، تناولت دعم العلاقات الاقتصادية، تفعيل لجان التعاون المشتركة، واستعراض مجموعة من الاتفاقيات الموقعة في زيارات سابقة، لا سيما بعد اجتماع اللجنة العليا المشتركة الذي عُقد في القاهرة نوفمبر الماضي وأثمر توقيع نحو 15 اتفاقية في مجالات حيوية مثل النقل والتعليم والطاقة.
بعد ذلك، انتقل اللقاء إلى قصر بعبدا حيث التقى مدبولي الرئيس اللبناني جوزيف عون، في جلسة بحثت أولويات تعزيز الاستقرار، وتأكيد الدعم المصري للبنان في مواجهة التحديات الإقليمية، لا سيما في ظل التوترات المتجددة على الحدود الجنوبية.
كما لم تغب رئاسة البرلمان عن جدول الزيارة، إذ التقى مدبولي رئيس المجلس النيابي نبيه بري في مقرّه في عين التينة، في حوار ركّز على أوجه التعاون البرلماني والتأكيد على دعم المؤسسات الدستورية في لبنان.
القطاع الخاص: شراكة لا تقل أهمية
خارج الدوائر الرسمية، حرص رئيس الوزراء المصري على لقاء ممثلي القطاع الخاص اللبناني، خلال زيارة لصالة غرفة تجارة بيروت وجبل لبنان، حضرها رؤساء وروّاد الأعمال، حيث أكد على أهمية تعزيز التفاعل الاقتصادي بين المستثمرين من البلدين، وفتح آفاق جديدة للتعاون في القطاعات الصناعية والخدمية.
نتائج الزيارة… دعم سياسي واقتصادي على أكثر من صعيد
سياسياً، كانت الزيارة بمثابة رسالة تضامن صريحة من مصر، إذ جدد مدبولي خلال مؤتمر صحفي مع نظيره اللبناني التأكيد على التزام القاهرة بدعم سيادة لبنان واستقراره، وإصرارها على منع أي تصعيد أمني في الجنوب، مع التأكيد على ضرورة احترام وقف إطلاق النار وتنفيذ القرار الدولي 1701.
اقتصادياً، أعاد اللقاء تأكيد الدور المصري في تعزيز التعاون القائم على العمل المشترك بين الحكومتين والقطاعين العام والخاص، مع تأكيد الاستفادة من الخبرة المصرية في مجالات الطاقة والبنى التحتية والنقل وغيرها من القطاعات الحيوية.
البعد الاستراتيجي كان حاضراً بقوة، فزيارة مدبولي جاءت في توقيت حساس بالنسبة إلى لبنان الذي يواجه ضغوطاً إقليمية واقتصادية متلاحقة، وقد اعتبر المراقبون هذه الزيارة مؤشرًا على رغبة مصر في لعب دور أكثر فعالية في دعم الاستقرار اللبناني، خصوصاً وأنها تربطها علاقة تاريخية وطيدة مع بيروت.
زيارة تتجاوز المجاملات وتفتح آفاقاً جديدة
زيارة الدكتور مصطفى مدبولي إلى بيروت لم تكن زيارة بروتوكولية عابرة، بل خطوة استراتيجية في مسار العلاقات المصرية‑اللبنانية، تحمل رسائل دعم سياسي، وتأكيدًا على التضامن في أصعب اللحظات. ومن خلال اللقاءات المتعددة مع رئيس الجمهورية، رئيس مجلس الوزراء، ورئيس المجلس النيابي، أعادت القاهرة التأكيد على مكانتها كطرف عربي ملتزم بدعم الاستقرار، وبناء شراكات عملية تعود بالنفع على الشعبين.
